قصّة عبد الله رمّال توثّقها التلميذة سيرين حرز من مدرسة البيزانسون – بعبدا

لو الناس بتطبّق مبدأ الحوار، وهالشي انتقل للكيانات والدول والأحزاب والتجمّعات، ما كان صار في حروب ولا معارك، وكانت البشرية ارتاحت من لعنة السلاح.

إسمي عبد الله خليل رمّال، مواليد آذار 1957، من بلدة الدوير قضاء النبطية، متجوّز وما عندي ولاد. بحكي اللغة الفرنسيّة بطلاقة، وشوي إنكليزي، وأكيد العربي لغتي الأمّ. متقاعد تقريبًا، كنت بالسعودية وجيت لهون عا لبنان.

لبنان الكبير بيعنيلي لبنان الحضارة والأبجديّة، وبيعنيلي طبعًا إنُّه قطعة من جنّة السما عالأرض.

بكلّ العالم صار في صراعات كتيرة، وللأسف بلبنان صار في حرب أهليّة سنة 1975، وفي حالة بذكرها دايمًا وبتخيّلها. الوالد كان يشتغل إطفائي ببلدية بيروت، وكان مركزُن عالملعب البلدي بطريق الجديدة. إجاهُن خبر إنٌّه صار في قصف عا سينما سلوى، وهيدي تقريبًا بتجي عالخطّ الفاصل بين بيروت الشرقيّة وبيروت الغربيّة. صار في قصف وكانت السينما مليانة ناس. وهنّي وعم يطفّوا الحريق، وعم يشيلوا الجثث المقطّعة، إيدَيْن إجرَيْن، صار قصف عليهُن مرّة تانية، كمان راح من الإطفائية شهدا وجرحى. كنت أنا وصلت، كان يوما عمري حوالي 18 سنة،  بدّي إعرف شو في. وأنا عم فتّش بين العالم والناس، وشوف مناظر مرعبة ومخيفة، بيطلع صوت بيقلّي: يا عبد الله. أنا مش متوقّع حدا، إجا ببالي فورًا بيّي. صرت حاول فوت لجوّا، والناس يرجعوني، وأنا إسمع صوت: يا عبد الله. بعدين، بشوف واحد، شحبار أسود وزفت عا وجُّه، وقلّي: شو ما عرفتني؟ أنا بيّك. قرّبت هيك تا لقّيه، قلّي كلمة: تعلّم يا بيّي الحرب شو بتعمل، شوف الحرب شو بتعمل. يا بيّي بدّك شي من حدا ناقشُه و حاوره، ووصال لنتيجة، أفضل بكتير من الحروب.

لبنان بالأساس مميّز، لأنُّه فيه تعايش. أنا بسمّي لبنان قطعة فسيفساء خلقها ربنا. اليوم بمشي بلبنان، الطوايف عايشة مع بعضا، يعني الشيعي مع السنّي والدرزي والمسيحي والكاتوليكي والماروني… كلّه عايش مبسوط و كلّه عايش مرتاح. نادرًا ما نلاقي بالعالم في نظام هيك، وفي تفاهم وتعايش. بتمنّى يضلّ هيدا التعايش قايم وبتمنّى يطوروه كرمال الجيل الجديد.