هيك تركت السلاح
الحرب عبثيّة… ما بيجي من وراها إلّا القتل والدمار. وما بتولّد إلّا الكره والبغض. الحرب فرّقتنا، فرّقت الإخوة عن بعض، الرفقة عن بعض، الزُملا عن بعض.. كلُّه كرمال السياسة البغيضة.
إسمي…. ساكن بالضاحية بمنطقة الكفاءات.
كنّا شباب ومندفعين، وكل واحد حمل سلاح وركض. كانت حرب عبثيّة بلا نتيجة… بس الواحد بيتعلّم من اللّي صار معُه. لمّا كنّا عا محور عين الرمّانة ببيروت عا خطّ التماس خلال الحرب الأهليّة اللبنانيّة، تصاوب صديقي، فا ارتمى بالشارع، ونحنا جينا بدنا نسحبه عشان ما نخلّيه بالشارع، وبالنهاية هيدا واحد مننا ومن رفقاتنا.
كان المهم كيف بدنا نسحبه، جبنا خطافة تبع اللحامين اللي بيعلقوا فيها اللحمة، وصرنا نكبها عليه ونسحبه فيها. ساعة تفلت وساعة تعلق، وبالنهاية سحبناه، بس كان جسمه مخزّق، والمفاجأة الكبيرة إنّه كان بعده عايش، يعني كلّ اللي عملناه نحنا، شافه لأنّه كان بعده طيّب ما مات.
سحبناه وحطيّناه بالسيّارة، صار في من الجهة التانية إطلاق نار علينا، حسيّنا إنّه السيّارة تصاوبت، بس كفّينا طريقنا عالمركز. وصلنا، نزلت بدّي نزّل الجربح المصاب، وقلت لرفيقي: يا محمود ساعدني، شيل معي، شيل معي يا محمود. ما كان يردّ. بالنهاية اتضّح إنّه الرصاصة الي إجت بالسيّارة، إجت بنص ضهرُه للزلمي اللي كان معي.
مات محمود، يعني تصوّر نحنا رحنا أنقذنا رفيقنا، والشب اللي كان معي مات برصاصة وحدة، والمصاب اللي مزّقناه بالخطّافة بقي عايش. هيدي شغلات بأمر الله، يعني الواحد متل ما بقولوا: اللي إلُه عمر ما بتقتله شدّة.
هيدي الشغلة أثّرت عليّي كتير، وبلّشوا هالشباب واحد يموت من هون، وواحد يموت من هون. يعني خسرنا كتير من أصحابنا. آخر شي أنا ابتعدت عن الموضوع، وتركت السلاح وبطّلت إنزل عالشارع.
هيدي الحرب الأهليّة، اتّضح بعدين إنّا ما إلنا علاقة فيها نحنا. في دول عم تتخانق بإيدينا نحنا. يعني هنّي عم يشتغلوا بإيدينا نحنا، ونحنا ما إلنا علاقة فيهن. فا هيدا الموضوع خلّاني على قدر الإمكان إنّو شجّع الناس ما تتقاتل مع بعضها، عشان نوقّف الحرب بأيّ طريقة ممكنة.
بس للأسف كانت الضغوط الكبيرة من برّا عا الشباب، والناس والزعامات المستفيدة من الحرب، كانوا شغّالين كتير. فما قدرنا نوقّف الحرب، واستمرّت العمليّة، وضلّيت أنا بالمنطقة شي سنتين ونصّ أو شي تلات سنين، بس حاولت قدر الإمكان إمنع أصحابي ورفقاتي وإبعدُن عن المعارك، واشتغلت عا هالموضوع كتير، وقدرت بعّد بعض الناس عنّا.
لا تعليق