مكياج!
قصة نظيرة مزرعاني… يوثّقها التلميذ سعيد مزرعاني من ثانويّة الروضة
الخير بيبقى بالبشر مهما تملّك منهن الشرّ. وقد ما تمرق حروب بكلّ بشاعاتها، لا بدّ إنّه يضل في ناس عندا ذرّة من الإنسانيّة، وتكون مآمنة إنّا مهما اختلفنا بالأديان، منضل إخوة بالإنسانيّة، وأبدًا ما منكون… مختلفين.
إسمي نظيرة مزرعاني. مواليد بيروت سنة 1951. من قبل كنّا عايشين بأمان وسلام بلبنان، لا في خلافات سياسيّة ولا دينيّة، لحدّيت ما صارت حادثة عين الرمّانة اللّي كانت شرارة الحرب الأهليّة سنة 1975. بالرغم من اندلاع الحرب والخلافات السياسيّة وانقسام السياسيّين والأحزاب اللّي ولّد طائفيّة، بقيت علاقة الجيران متل ما هيّي، بقيوا يحبّوا بعض ويساعدوا بعض.
أنا كنت ساكنة ببرج حمّود، وكان عندي ولدين، وجوزي كان يشتغل ببيروت الغربيّة اللي صار إسمها هيك بعد ما بلّشت الحرب. وقتا قسّموا بيروت لشرقيّة وغربيّة. صاروا يقطعوا الطرقات، وانحبست أنا ببرج حمّود، وجوزي انحبس بالمنطقة الغربيّة، وما كان فينا نوصل لبعض. كان عنّا جارة أرمنيّة، وحبّت تساعدني أنا وولادي لنوصل عالمنطقة الغربيّة.
أنا بالفترة اللّي كانت بدّا تنقلنا فيها، كنت كتير خايفة وموتّرة، وصار وجّي أصفر، فا عملتلي مكياج عشان الأحزاب اللّي عاملين حواجز ما يشوفوني خايفة ويستجوبوني. بما إنُّن كانوا يوقفوا الأشخاص عالحواجز حسب المذهب عالهويّة، اضطرّيت أترك هويتي ببيت جارتي الأرمنيّة، وقامت هيّي وصّلتني بسيّارتها عالمتحف لأن ما قدرت توصّلني أبعد من هيك، وأنا كفّيت مشواري ووصلت عند جوزي.
بالرغم من كل يللّي صار، ومن كلّ الانقسامات، هيدا الشي ما أثّر عاالناس القريبة من بعضا متل جارتنا. بالعكس، هيدا جمع العالم مع بعضا ليتخطّوا هالمرحلة، وهيدا اللّي لازم يصير بإيّامنا هيدي. ما لازم نخلّي السياسيّين يفرقونا، لأن صحيح نحنا مختلفين، بس بالنهاية نحنا شعب واحد، والطائفيّة ما بحياتها حا توصّلنا لمحل.
لا تعليق