قصة فاطمة يتيم يوثّق القصّة حسين يتيم من مدرسة القديس جاورجيوس – الحدث 

حكايات الحرب ما بتخلص، وما في لبناني من سنة 1975 لسنة 1990 إلّا ما عانى ويلات الحرب، وذاكرتُه مليانة حكايات وقصص ومواقف، الحزن هوّي طابعها الأساسي.

إنّما حكايتي ـــ فاطمة يتيم ـــ يمكن تختلف عن باقي الحكايات كونّا عانينا كتير، وقضيّناها هريبة وتهجير من منطقة لمنطقة.

عمري هلّاء 74 سنة، واللذي بذكرُه إنُّه الحرب الأهليّة كانت صعبة كتير. قتل وضرب وقصف وقهر وجوع، ونحنا كنا من سكان منطقة النبعة، تعذّبنا أكتر من غيرنا لإنُّه هالمنطقة تحاصرت. ضلّينا شي عشر شهور ما يفتلنا أكل وما يفتلنا شي. يروح الواحد ليجيب أكل يمكن يرجع ويمكن ما يرجع، واللّي يروح ليجيب خبز يوقف نصّ نهار عالفرن ويمكن يجيب حاجتُه وحاجة ولادُه ويمكن ما يجيب.

كان يصير في قصف بالليل نحنا ونايمين، وبالنهار نركض نتخبّى بالملاجئ، وراح قتلى كتير من ولاد جيرانّا.

وبيوم، قمنا على شو خبرية، إنُّه بدّن يفوتوا يقتحموا النبعة ويدبحوا العالم. خاف جوزي وقلّي: قومي ناخد هالولاد ونروح. كانوا ولادي الشباب أكبر من البنات، والكبير أوعى من إخواتُه وكان يسوق سيّارة، حطنا بهالسيارة وقلنا منهرب. قاموا صاروا ولاد الجيران بدّن يروحوا معنا، خافت هالعالم من الدبح. قلنا نحنا منتّكل عا الله، والواحد بالنهاية اللّي كاتبلُه ياه الله بدُّه يصير.

ضهرنا نحنا وشي أربع عِيل من المنطقة، وقبل ما نوصل للمتحف انصدمنا بحاجز. هونيك عا الحاجز: منين إنتو؟ هاتوا الهويّات؛ نزّلونا بدُّن يدبحونا بالدهاليز. الله بيبعتلنا شبّ بيعرف ابني الكبير، كان بالمنطقة عنّا وعِرِفنا: قام ما قِبِلش إنُّن يئذونا، وتصادم هوّي وياهن، رجع قال لإبني خود أهلك وفلّ. طلّعنا إبني بهالسيّارة وهنّي علقانين مع بعضن، شي بدُّه يقتلنا وشي بدّوش يقتلنا… وهرب فينا. صار يزورب، وهالقناص يصفق فينا والحمدلله ما صاب منّا حدا. رحنا دغري بوجنا عالمتحف، هونيك كان في حاجز للجيش اللبناني، وفي ثكنة. فوّتونا وصرنا عا بكي وعا رعب، قام العسكريّة جابوا مي لبناتي وطعمونا.

رحنا نهارتا نمنا عند بيت أهلي، وبعد كم يوم رحنا عا الجنوب، بنتي الكبيرة مجوّزة هونيك وقاعدة بجزّين بتصيّف هونيك قلنا منقعد عندا. بعد فترة بلّشت حرب الاسرائيلية، صار في ضرب وقصف، قمنا هربنا ورجعنا عا بيروت، وأخدنا بيت وقعدنا فيه عا تلة الخيّاط، وإلّا.. شو؟ إسرائيل بلّشت ضرب واجتاحت الجنوب ووصّلت عا خلدة، صار يطلع هالطيران يرمي مناشير فوق بيروت إنُّه إخلوا بيروت. صاروا يقصفوا عالطيران ويقوصوا عليهن. نمنا ليلة، ومنفيق الصبح منلاقيهن تحت البيت؛ طلعوا عا البيت فتشوا عنّا وعند جيرانّا وبكلّ الحيّ، وما طوّلوا كتير ببيروت، قعدوا يومين تلاتة رجعوا انسحبوا عا خلدة ورجعوا صاروا ينسحبوا عا صيدا شوي شوي يعملوا عليُّن المقاومة عمليات، وهيك وبعدين راحوا انسحبوا وقعدوا بالجنوب.

بعد فترة إجت حرب 6 شباط، الجيش صار ينقصف، كان تحت بيتنا في نقطة للجيش، وكان شهر رمضان وصايمين، وقبل الإفطار بشويّ نزلت قذيفة عا الجيش، ما سمعنا إلّا الصريخ، ما ضلّ شي بالبيت إلّا ما تكسّر، نزلنا لقينا العساكر هيدا اللّي مقطوشة إيدُه، هيدا اللّي طايرة شفتُه. نحنا هربنا عا الملجأ وإجت يومها الصليب الأحمر ياخدن وصرنا ندعي لربنا إنُّه يخلّصنا من هالحرب.

كنّا شو نعمل؟ نجيب رمل، نعبّي كياس رمل ونحطّن عا البلاكين وعا لشبابيك حتى إذا إجت قذيفة ما تجي فينا. قضّينا إيّام صعبة كتير. خفت عا ولادي يفوتوا بهالأحزاب، قمت سفّرتن، عملتلّن باسبورات وسفّرتن أحلى ما يفوتوا بالأحزاب، لأنُّه الحرب ما منّا ربح، كلّا دمار بدمار وموت.

كلّ اللي بقولًه للجيل الجديد، إنُّه الحرب موت ودمار، لا إن قتلتوا ربحانين ولا إن انقتلتوا ربحانين، مشان هيك قد ما في الواحد يبعد عن الحرب، لأنُّه الحرب هيّي دمار المستقبل. الله يبعد عن جيل الشباب الحرب اللّي عشناهنا، اللّي ما بتروح من بالنا ولا يوم، والله يحمي لبنان.