حامل مجتهدة
التحدّي طعمتُه كتير حلوة، خصوصًا لما يكون بظروف مش مساقبة أبدًا… وشو في أبشع من ظروف الحرب والقتل والدمار والتهجير والهرب والخوف والتقنيص؟ وشو في أحلى من إنّك تخوض تحدّي معيّن بوسط هالظروف كلّا… كرمال تحقّق طموحك.
ما في شي إلّا الأمل والتفاءل هنّي يللّي بيوصلوك لبرّ الأمان… وحكايتي عن حالي، كيف وصلت لهالبرّ.
إسمي هدى عفيف حيدر من الشويفات، كنت معلمة بثانوية حسين مسعود، وتقاعدت من سنة. عمري 65 سنة وساكنة بحيّ الأمرا بالشويفات.
أنا من الناس يللّي بأوّل شبابُن وعيوا على إنُّن ينطلقوا بحياتُن، وكنّا بدنا نأسّس مستقبلنا. وفجأة بسنة 1975، كان عمري 23 سنة، بلّشت الحرب. وكانت صدمة: أيمتى بدنا نخلص وكيف مستقبلنا وشو بدُّه يصير. تعلّمت، وبسنة 1977 صرت معلمة وسجّلت بالجامعة وما قدرت كفّي أوّل سنة. خطبت، كمان رجعت سجّلت بالجامعة، وتجوّزت وصار عندي ولاد وأنا بعدني عم كفّي جامعة. ضلّيت السنة الأولى والتانية والتالتة روح وأنا حامل، وصار عندي تلات ولاد. بالسنة الرابعة كنت حامل كمان، وقدرت إنّي زمّط أربع أرصدة بالجامعة اللبنانية عا أساس إنّي كفّي التلاتة الباقين تاني دورة، وما قدرت. كل سنة كنت روح سجّل
ويصير في حرب، وبعدين إجا الاجتياح الإسرائيلي وإجت الحرب الأهليّة، وانهار الوضع الاقتصادي، وصار حصار المخيّمات، وأنا عايشة ببيروت بأوّل برج أبو حيدر، كل أنواع الحرب مرقت عليّي وأنا عندي تلات ولاد زغار. كنت معلمة وعندي خدمة بدّي أركض برّا وجوّا وإتسجّل بالجامعة عا أساس بدّي كفي، إرجع بس ما تساقب معي، وهيك فترة مرقت وقعدنا بالجبل، المعارك سبعة تمان شهور.
ما قدرت فكّر سافر، وضل عندي أمل إنّو بكرا بتروق، إذا مش هالسنة السنة الجايي، وولادي بالمدارس، والحالة ما كانت مساعدتني سافر وسفّر ولادي لبرّا، ما عندي حدا يساعدني.
بعد سنة 1993، ضلّت قصّة إنّي بدّي كفّي الجامعة لو كان عندي تلات ولاد. كان صرلي 13 سنة، وهلّاء ولادي كبروا وعم يدرسوا وحدن، وفيّي إتركُن يستقلّوا شوي، والحمدلله توفقت، وبس طلعت النتيجة حسّيت حالي عم طير عن الأرض. فرحة النجاح ما في شي بيعادلها فرحة.
ما قطعت الأمل، ما فيه الواحد يقول لهون وبس. لا، بالعكس، لازم نفكر إنّه الجايي أحلى، والمستقبل بيصير أزبط، ونضل نتفاءل. نحنا اللبنانية عنّا قلب كبير وصلابة متل هالجبال اللّي حوالينا. ما فيه الواحد يستسلم بسهولة، وإلّا ما كان انتصر لبنان. وطبعًا لبنان هوّي التاريخ الحيّ، لو ما هيك ما كان استمر هالفترة الطويلة رغم المؤامرات الخارجية علينا والحروب والأحداث.
لا تعليق