من لبنان لسويسرا
الإنسان من دون نضال، حياته بتكون مجرّد عيش لأجل الأكل والشرب والنوم. والإنسان من دون هدف، ما بيسوى شي. ولمّا بترافق مرحلة النضال ظروف صعبة كتير، وطريق وعرة مليانة شوك، بيصير للنضال طعم تاني ونكهة تانية. وهيدا اللّي رح خبّر عنُّه.
إسمي ساميا الغضبان، مواليد بيروت 1954، وأصلنا من كفرنبرخ الشوف. عشت وكبرت ببيروت لصار عمري 20 سنة. تجوّزت وتركت لبنان بأواخر سنة 1975.
كنت إحلم إنّي إترك لبنان من أنا وزغيرة لأني كنت حسّ إنُّه بالمجتمع المرا أو البنت ما عم تقدر تاخذ نفس الحقوق متل الصبيان. ولمّا تجوزت تركت للسعودية، وكانت حياتي الزوجية فاشلة، لأن كان في عنف وغيرة وكتير إشيا. بس صبرت منشان ما إخسر حضانة ولادي لأن بالمجتمع البنت بس يكون عمرا 9 سنين والولد 7 سنين بيكونوا لبيُّن.
كانت صعبة الحياة بالسعودية. ولمّا كان عمر إبني 40 يوم إجانا عرض لنجي عا سويسرا. وافقت حالًا بدون تردّد، لأنّي عرفت إنُّه يللّي بقدر أعطيه بسويسرا ما بقدر أعطيه بالسعودية. أكيد كنت بحبّ وبحلم إرجع عا لبنان، بس الحرب الأهلية اللبنانية خلّتني روح عا جنيف وما ندمت عا هالخطوة، لأنُّه لقيت يللّي قدرت إعطيه لولادي بجنيف.
بلبنان علّمت سنة بمدرسة، وكنت بعدني عم إدرس. لمّا وصلت عا سويسرا، كانت المشاكل عم تزيد ولا تطاق. رجعت نزلت عا لبنان والتقيت الشيخ حليم تقيّ الدين الله يرحمه، وهوّي يللّي غيّر حياتي ونصحني إبقى مع ولادي. كان عندي الحقّ بالطلاق وكان فيّي آخد حرّيتي بس قلّي إنُّه بالمجتمع مهما كانت الأسباب، الولاد رح يروحوا مع بيُّن. وبالـ1988 توفّى الوالد، وبعد 40 يوم طلبت الطلاق.
يللّي عم قولُه إنُّه بعد عذاب 18 سنة. لما بقول عذاب كلمة عذاب كتير زغيرة قدّام يللّي مرقت فيه، بس كان عندي أمل إنُّه الشمس رح تشرق من جديد، وفي كلمة نقالتلي، إنُّه المجتمع اللبناني ما بيرحم المرأة المطلقة حتّى ولو كانت قدّيسة. لذلك قرّرت إبقى بجنيف.
بدّي إحكي للجيل الجديد عن أملي بالحياة وإصراري عالنجاح. أنا اليوم ما كنت إتوقّع إنّي نجحت لأن لمّا تركت جوزي ضلّيت 5 سنين بالمحاكم تا قدرت حصلت عا حرّيتي. بهالوقت كان الأمل كبير وربنا كان واقف بدون ما حسّ. كنت علّم بالنهار وأطبخ بالليل، لأني رجعت بلّشت من تحت عتبة الفقر. نجحت من تعبي، ربّيت ولادي واشتريت شقة بلبنان. غير هيدا أنا فتحت دروس لأنُّه كان حلمي إرجع عا لبنان، ولقيت إني فيّي حافظ، رياضيات وفرنسي في كتير بيعلموا، بس لغتنا العربية ما في، لذلك قرّرت علّم الأطفال لغتنا الأمّ حتّى يصير في تواصل. وكنت قول للّي ما كان عندُن رغبة: كيف بدكُن تحكوا مع تيتا وجدّو ومع العيلة إذا ما بتعرفوا اللّغة الأمّ؟
فتحت دروس خصوصيّة بالأوّل، وبعدين فتحت دروس رسميّة بالمدارس الخاصة، وبسنة 2011 طلبت منّي سهى بشارة وصبايا تانيين، إنّي إفتح دروس بالمدارس الحكوميّة. الدولة السويسرية وافقت لأن البرنامج عجبهُن، وصار عندي 200 تلميذ بعد ما بلّشت بـ 40 تلميذ.
بحب قول للجيل الجديد إنُّه الأمل بالنجاح يللّي كان عندي خلّاني أوصل. ومش عيب الإنسان يوقع، بس العيب إنُّه يبقى بأرضُه وما يوقف من جديد ويتقدّم. وبقول للجيل الجديد ما تخلّوا شي يوقف بطريق حياتكُن ومستقبلكُن.