قصة ليلى عبد الساتر توثقها بترا قانصو الخوري من ثانوية دير الأحمر الرسمية – البقاع

الحرب بشعة كتير، مليانة دمّ وخراب وذكريات سودا. وجيل وعي عالسلاح والسرقة والخطف… جيل انخطف عمرُه، وانقصفت حياتُه كرمال… ما شي!

أنا ليلى عبد الساتر، مواليد سنة 1952. ساكنة بشارع بير العبد بالضاحية الجنوبيّة. ورح إحكي عن أصعب إيّام من شريط حياتي.

سنة 1980 كان جوزي مسافر عالسعوديّة. بذكر كان يوم خميس، إجت مرت خالي من بعلبك كرمال تعمل علاجٍ كيميائي. وبعد ما نامت، رح لعند جارتي متل العادة تا إشرب قهوة ونتسلّى وسط الأزمات والفوضى. فجأة، سمعنا الباب عم يندقّ. راحت جارتي تفتح الباب بلا ما تسأل مين لأنها كانت مفكرة أخوها إجا. وبيفوتوا تلات مسلّحين معهن كلشنات. واحد فات عا أوضة النوم مطرح ما نايم جوزا، وحطّوا السلاح بصدرُه، كمان واحد منّن هدّدني وأخدني عا أوضة الولاد، بينما جارتي أخدوها عا مدخل البيت.

خفنا كتير، وقلقنا عالولاد، كان عندي بنتين؛ رولا كان عمرا تلات سنين وكارول كان عمرا تمان سنين. ما استرجينا نحكي لا أنا ولا جارتي. بعد شوي زغيرة، تشجّعت وسألت المسلّح: شو بدكُن؟. قلّي: في عندكن عميل هون. وبلّش واحد منّن ينبّش بالخزانة والجوارير. 

استمرّت هالعمليّة شي تلت ساعة تقريبًا، واندقّ الباب مرّة تانية، كان جارنا من الطابق التاني بدُّه يتطمّن من بعد ما شاف المسلّحين حول البناية. واحد من المسلّحين بلّش يهدّد ويقول ما تفتحوا الباب، وراح فتحُه هوّي، وبيزرب جارنا بالحمّام وقفّل عليه بالمفتاح. بيوعى صاحب البيت وبيقوم يشوف شو صاير، فالمسلّح بيحبسُه هوّي كمان، وكمان الناطور بعد ما طلع يشوف شو في.

وصرخ فينا واحد منّن: اللّي بتتنفّس منكم منقوّصا. وبلّشوا يخربوا البيت ويكسروا الخزانات والجوارير. وضَهَر المسلّح من الأوضة ومعُه كياس فيها مصاري الغلّة اللّي كان جامعها صاحب البيت الّلي كان عندُه فرن اسمُه “سندريلّا”. 

طلعوا المسلّحين من البيت وصرخ واحد منّن فينا وقال: إذا حدا بيفتح الباب وبيتحرّك منقتلُه. بعد شوي، سمعنا صوت سيّارة عم تقلّع بسرعة وتشفّط، وقوّصوا رصاص بالهوا وهربوا. ولمّا تأكّدنا إنّن راحوا، طلّعنا الرجال من الحمّام. 

سألني زوج جارتي إذا شفت حدا منّن، قلتلُّه: مع إنُّه كانوا حاطّين كلسات بروسُن، قدرت شوف إنُه اللّي كان عم يهدّدني، كانوا حواجبُه كتير كثيفين وكمان رموشُه كتير سود، وكان كأنُّه في حبّة طالعتلُه بعينُه الشمال… مورمة. قلّي: “عيدي عيدي”. فا عدت كلامي، وعرفت إنُّه كمش راس الخيط. بيروح دغري عالفرن، بيسأل خيّ مرتُه عن فلان وفلان وفلان، قلُّه إنُّن راحوا مشوار زغير وراجعين.

ركض لعند المسؤولين عن المنطقة وخبّرُن شو صار، لأن بهيداك الوقت ما كان في قوى أمنيّة. وتأكد من معلوماتُه وعرف إنُّه ظنُّه كان بمحلُّه من خلال الشبّ اللّي وصفتلُّه ياه. وبالنهاية كمشوهن ورجّعوا الصيغة لصحابا.

ضلّيت مريضة ومطروحة بالفرشة شي أربع خمس أيّام من الصدمة. 

في كتير قصص صارت معي، منها لمّا هربت بالسيّارة مع بناتي تحت القصف. أمّا عن العِبر اللّي استوحيتا من الحرب، أوّلها عدم الثقة بالأحزاب، وبعدين إنّي إتبع اللّي بينفع البلد بسن وإنُّه السلاح ما بيجيب إلّا الخراب. 

أخيرًا، السياسة ببلدنا نجسة، كتير بيزعجني إنُّه ولد عمرُه 16 سنة بيحمل سلاح وبيفوت عا بيت معلمُه تا يسرقُه. وين العِلم؟ وين الإدراك؟