قصّة جوزيف رحمة توثّقها ميثم عماد

مين بيعرف كيف كانت الحياة بالأوّل وكيف صارت هلّاء؟ كيف كنّا نعيش وكيف هلّاء عملونا؟ كيف صارت هالأحزاب وكيف خربطت الدني؟ كيف صاروا يفرزوا الناس طوايف هيدا مسيحي وهيدا مسلم وهيدا درزي وهيدا علوي؟ هيدا بالأول ما كنّا نعرف فيه. في صداقات بيناتنا توصل لدرجة الآخاء والتضحية بسبيل بعضنا، وما كنّا نحسّ متل الناس اليوم اللّي بتسأل هيدا شو طايفتُه. 

إسمي جوزيف رحمة، عمري 68 سنة. ورح خبّر خبريّة مثال، وهيّي حقيقية مية بالمية، وأنا شاهد عليها، ما صارت معي شخصيًّا، بس صارت مع بيّي، وأنا كنت ولد زغير بس كنت واعي عا هالأمور.

بيّي الله يرحمُه كان عندُه صديق من شمسطار شيعي من بيت الحج حسن، كانوا يقولولُه بو راشد. بو راشد كان يتاجر بالطرش (الغنم)، يشتري بهايم ويبيع، ووقتا ما كان في وسائل نقل، كان يجي لعنّا لهون عا دير الأحمر وينزل ببيتنا، وبيّي يستقبلُه ويمشي معُه عا هالضيع الزغيرة حدّ الدير، ويساعدُه ويشتري ويوصّل معُه المواشي اللّي اشتراها عا شمسطار. بالمقابل كان بيّي يتاجر بالحبوب، كان يشتري حبوب بس يخلص الموسم، قمح وعدس وكرسنّة وشعير، يضبُّن بالبيت ويصير يبيع… هيدي كانت وسائل تجارة تا يعيشوا.

مرّة من المرّات بيجي لعنّا أبو راشد بيقعد أربع خمس إيّام، بيشتري يللّي بدُّه يشتريه، ولمّا صار بدُّه يفلّ قلُّه لبيّي: يا أبو هاني، كيف موسمك السنة؟ بيقلُّه بيّي: والله يا بو راشد القمحات السنة منُّن مناح كتير. بيّي كان بس عم يخبرُه مش من واقع شي أو بدُّه منُّه شي. قلُّه: طيّب. وحمل حالُه وراح. 

تاني يوم تالت يوم، منجي عالضيعة، في ولد جايي وسايق جمل، وحامل بإيدُه سطل لبن، وعم يسأل عن بيت جريس البادري رحمة يللّي هوّي بيت أهلي. دلّوه الناس ووصل وقلُّه لبيّي: هودي بيّي بعتلك ياهن. مجرّد ما عرف إنُه الموسم عنّا مش منيح، كانوا بالأوّل يركزوا كتير عالموسم، كان الفلّاح يضبّ قمحاتُه ويضبّ المونة والحطبات يللّي بيعوزُن بالشتوية. إذا في نقص بهودي يعني بدُّه يأمنن أو يشتريهُن. الصبي جايي من شمسطار مسافة 30… 35 كيلومتر حامل سطيلة لبن. هيدي وين بعد بتصير اليوم؟ في خيّي مسيحي بيعملا مع خيُّه المسيحي؟ هيدا نموذج لنماذج كتيرة كانت موجودة.

ومرّة كمان جدّي كان متخاوي مع جدّ بيت كنعان،ـ هيدي من شي مية سنة القصة. بتصير حادثة مع شبّ من بيت كنعان كرمال عروس، وبيقتل حدا، وبيلتجي لعنّا عا دير الأحمر عا بيت جدي. صار هالشب طافر، وكل ليلة يتخبّى ببيت. ضل هيك شي سنتين تلاتة تا صار في صلحة وإجا الشيخ قبلان عيسى الخوري من بشرّي، عملوا صلح مع بيت كنعان وبيت طبيخ العيلة التانية وصالحوهُن ومشي الحال، وصار في عهد بين بيت كنعان وجدّي يعني صرنا كأن ولاد العم، وبعدنا لهلّاء رغم كل شي صار من حرب أهليّة، منعيّطلُن يا ولاد عمنا، ومنعايد بعضنا بالمناسبات، وما في شي بيناتنا منقسمُه، وحتى بالأحداث لي صارت بقينا 4-5 سنين ما حدا فيه يفوت أو يطلع من الضيعة، كانوا دايما بواسطة ناس من بيت زعيتر يسألوا عنّا ويأمنولنا بنزين، لأن البنزين كان مقطوع عن مناطقنا، ونحنا من غير دينُن ومن غير عيلتُن. وبعدنا لليوم بيت كنعان هنّي أوّل ناس مندعيهُن وهنّي هيك، وما منعيّط لبعض إلّا يا إبن عمي. 

ما بعرف شو بيصير إذا الناس رجعت هيك، شو عملوا فينا السياسيّين، هودي تبع الحرب الميليشيات، كانوا عم يقتلونا وسلّموهُن الدولة، ليك وين صرنا اليوم، منميّز هيدا مسيحي وهيدا مسلم وبيتقاتلوا عالمراكز تا يسرقوا. لبنان ما إلُه حل غير ما يرجع لأصالتُه وتاريخُه وقت كنّا ما نفكّر بهالأمور.