قصة شيعان علي نظام توثقها هنا كسروان من مدرسة القديس جاورجيوس – الحدث 

الحرب بشعة، همجيّة، بتاخدلنا أحبابنا، وبتحرق الأخضر قبل اليابس. حكايات الحرب مأساوية، بس كمان فيها حكايات بطولة وصمود وتحدّي وإرادة، إرادة الحياة اللّي هيّي دايمًا أقوى من كل حرب.

وهي قصّة خسارة، وشجاعة وتمسّك بالأمل.

اسمي شيعان علي نظام، ولدت سنة 1955، وساكنة بمنطقة الرويس بالضاحية الجنوبيّة. متل كلّ الناس، مرقت علينا كتير إشيا، حلوة ومرّة. بتذكّر طفولتنا شو كانت حلوة، والعالم كلّا كان فيها خير وبتحبّ بعضا عنجد. بتذكّر الأعراس عنّا كيف كانت تضلّ 7 إيام بالضيعة احتفالات. ومرّت علينا إشيا مش حلوة، حروب وأحداث، خفنا فيها كتير، وتهجّرنا من منطقة لمنطقة.

في نهار ما بنساه بحياتي، كنت صبيّة عمري شي عشرين سنة، وكانت أوّل الحرب الأهليّة، بسنة الـ76 بشهر نيسان… تاريخ ما بينتسى. كنت رايحة زور بنت عمّي، ومعي خيّي الكبير اللّي كان عم يوصلّني وقلّي: نطريني لإرجع، عندي شغلة بقضيها وبرجع باخدك عا البيت.  قعدت عند بنت عمّي تسلّينا وضحكنا وانبسطنا كتير، وأني أنطر وأنطر، تأخر الوقت وما إجا خيّي. تعجّبت، ورجعت لحالي، بس وصلت شفت عجقة حدّ البيت، الناس عم تبكي، وأهلي عم يبكوا. ما استوعبت شو صاير. خبّرني جارنا إنّه خيّي استشهد، قنّصوه بالشارع، بالمنطقة محلّ ما وصّلني.

طلعنا عا الضيعة، وعلقنا فوق لفترة من الزمن. وبعد فترة تزوّجت ونقلت على ضيعة زوجي بالجنوب. زادت الأحداث ببيروت، والناس صاروا يهربوا من بيروت عالجنوب. وأهل زوجي هربوا ما كان عندن بيت، نزلوا عنّا. كنّا كتار بالبيت. كان في أزمة بطالة، أكل، خبز، غاز. كنّا نعجن ونخبز، والجيران يعطفوا عا بعض، اللّي ما عندو… تعطيه خبز، كنّا نتعاون مع بعض لحتّى نقضّي هالإيّام، لأنّه بالدكاكين ما كان في شي، لا خبز ولا شي. كنّا نغسل عالحطب ونطبخ.  مرّت علينا إيّام صعبة كتير، وبيمرق كتير على الإنسان، بس كلّه بيمرق طالما الإنسان قوي، وإيمانه قوي وبيصمد بوجّ كل شي، هيّانا ولادنا كبروا وتجوّزوا وصار عنّا أحفاد… منقول الحمدلله عا كل شي.

اللّي خلّاني اتخطّى مرحلة الحرب، أملي بالله، وحبّي للوطن، وحبّي للأهل. والحرب علّمتني الصبر وتحمّل المراحل الصعبة.

كرمال هيك نصيحتي للجيل الجديد، أوّل شي، يهتمّ بمستقبله ويتعلّم، كرماله وكرمال الوطن، ليكون جيل ناجح، وليبني وطن مزدهر، ينعش الاقتصاد. وأهمّ شي يحافظ على العيش المشترك، ويضلّ عنده أمل ببكرا… ما يفقد الأمل. لأنّه لبنان مميّز بشعبه، لأنّه بكل أزمة مرقنا فيها، لو ما كنّا إيد بإيد، وكانت الناس عم تساعد بعضا، ما كنّا صمدنا لتمرق هالأزمات، لبنان دايمًا قوي بشعبه وأهله. طالما في أمل، بيكبر وبيكون أحسن. لبنان التاريخ الحيّ.