فان المدرسة
بحروب الكبار، الطفولة ما إلها ذنب. الطفولة لازم تتقدّس. أكبر حرام إنُّه يعيش الأطفال رعب الحرب وبشاعتها. ودايمًا بسأل حالي: يللّي بيصوّب بارودتُه نحو طفل، أو يللّي بيكبس زر تفجير عبوة وبيعرف إنها رح تروّح أطفال، شو بيكون شعورُن؟ ومعقول يكون فيهن ذرّة إنسانيّة؟
أنا لبيب نجيب باز من أغميد، مواليد سنة 1939، كنت إشتغل مدير الشحن بشركة طيران بالمطار إسما تي أم آي. بإيّام الحرب كنّا جايين من الشغل، وصلنا حدّ المتحف، شفت فان كلُّه صبيان وبنات، محروق كلُّه، هوّي والأجساد تبع التلاميذ. هيدا كان مجرّب يهرب من الشباك، وهيدا مجرّب يركض لَوَرا ولَقدّام. هالمنظر هيدا بعدُه بِفكري، لهلّاء ما عم يروح من
بالي. إنُّه هالتلاميذ لو عاشوا هنّي وغيرُن من يللّي ماتوا متل هيك موتات، كانوا هنّي مستقبل لبنان، يمكن كان صار لبنان أحسن من هلّاء. هالمنظر أثّر فيّي كتير، يعني بُحسب إنُّه كانوا ولادي جوّا. أثّر فيّي أهلُن شو بدُّن يعملوا بس يعرفوا.
بتخيّل إنُّه هالولاد لو ضلّوا عايشين يمكن كانوا حسّنوا متل هالشباب يللّي عم نشوفا اليوم، عم تخترع إشيا لتحسّن لبنان. الشباب والتلاميذ يللّي برّا لبنان، مع كل مشاكل لبنان وكورونا، عم يترجّوا الدولة تا ترجّعُن عا لبنان. مع إنُّه العيشة بلبنان كتير خطرة وكتير ما فيها لا وظايف ولا مدارس ولا جامعات، وكل شي مسكّر، وفقر وتعتير، والناس ما عم تقدر تشتري الأكل تا تاكل.
الدولة بلبنان يللّي كانت بالماضي ما قدرت تعمل شي منيح للبنان. ضلّوا يشتغلوا عا غلطُن لحد ما صرنا هيك. هلّاء الدولة الجديدة يللّي جاية مبينة إنّا عم بتجرّب تشتغل بكل جهدا عا كل الأصعدة تا تحسّن لبنان شوي، وترجعُه متل ما كان. بس هيدا بياخد وقت كتير، مش متل ما منفكّر نحنا جمعة أو جمعتين، شهر أو شهرين. يمكن ياخد سنين، بس المهم إنُّه ينحطّ الشي عالسكّة من الأول مزبوط لحتّى نوصل عا المحطّة الآمنة للبنان.
الصورة يللّي بشوفا للبنان، إنُّه قبل كورونا مش متل بعد كورونا. بدُّه يتغيّر كل شي بلبنان ويمكن بكلّ العالم. بدّا تتعود العالم تعيش متل ما عايشين بهالظروف هيدي يللّي نحنا فيها هلّاء.
مرّة كنت بأمستردام بهولندا، رحت الصبح اشتريت جريدة، وشفت حدا حاطط كاريكاتير، إنُّه لبنان حاطط راسُه بمكنة اللحم، وعم يفرم راسُه. يعني عم يفرم حالُه بإيّام الحرب. ناس عم تقتّل بعضا، يعني لبناني عم يقتل لبناني، والأديان صارت ضدّ الأديان التانية، وكتير كانت الحالة سيئة. لقيت إنُّه هالكاريكاتير مطابق كتير لحالة لبنان. كان سيّئ كتير طبعًا، وكلّ العالم وقتا حكيت عنُّه، بالتلفزيونات والأخبار.
مفروض إنُّه كل لبناني يعتبر التاني خيُّه، لو كان مسيحي، مسلم، درزي… شو ما كان دينُه. كلّ اللبنانيّة مفروض يكونوا إخوة، وكلّن يحطّوا إيديهُن بإيدَيْن بعض لأنُّه بالاتحاد قوّة. هلّاء لما نجيب قضيب زغير، دغري بينكسر، بس لمّا منجمع مية قضيب، لو إجا كذا شخص ما بيقدروا يكسروهُن. بالاتحاد قوّة، ولمّا منصير نحنا هيك بيرجع لبنان متل الأوّل وأحسن.
لا تعليق