قصة بهجت صبري توثّقها ندى ورداني من ثانوية قب الياس

قد ما يمرق حروب وأزمات عا لبنان، بيرجع متل طير الفينيق بيقوم وبيكمّل حياته. واللبناني هيك من زمان، ما بتقتلُه شدّة. والأهم، إنّه نعلّم ولادنا يتكمّشوا بالأمل رغم الألم، تا حتّى يبنوا الوطن.

إسمي بهجت محمد جميل صبري، عمري 76 سنة، من منطقة مجدل عنجر بالبقاع الأوسط. عشت حياتي بالقرى اللّي كانت شوي فقيرة، بس نحنا كنّا الحمدلله مناح وكنّا نتعلّم، وكانت المدرسة بعيدة، نقلنا عا زحلة وبلّشنا نتعلّم، وعشنا هالفترة كلها بزحلة لسنة 1958، وقتا مرّينا بأزمة بسبب ثورة الـ58، وكنت بعدني زغير ما بعرفش كتير بالتاريخ، بس كنت شوف شو عم يصير حولي من تخريب وانقسام بين الناس، وقتل وخوف وفزع. 

وبعدين إجت أحداث سنة 1967،  وكانت عا كلّ الناس، وبالنسبة إلي شخصيًّا، إنّه بينقطع  الإنسان أمرار عن الدراسة لفترة معيّنة أو عن الدرس بسبب الظروف الموجودة، بس كنت إرجع. كنّا نعاني من الخوف أحيانًا لأنُّه القصف المدفعي وقصف الطيران كان يوحيلنا إنُّه رح يخرب لبنان وما يعود في لبنان نهائيًّا. بقا نحنا نصير خايفين عا مستقبلنا وخايفين عا حياتنا وحياة أهلنا، وبالتالي تأثّرنا نفسيًّا وصرنا رح نفقد الأمل شوي بهالحياة. بس الإنسان لمّا يقنع نفسه إنّه هيدي الحياة بدها تزول والصعوبات بدها تزول، بيعود كأنّه آخِد طاقة للمستقبل. والدولة كمان، كلّ ما مرّت بأزمة كانت تتجدّد، ويصير في تطوّر بالنسبة للحياة السياسية والاجتماعية، وازدهار بالاقتصاد، وازدهار بالعمران وازدهار بالحياة الثقافية. لأنّه لبنان من خلال هيدي الأزمات اللّي كان يمرّ فيها، كان يرجع أقوى بكتير.

من الـ58، لنكسة الـ67، للّما إسرائيل هجمت وضربت المطار وحرقت الطيّارات، وصولًا للحرب الأهليّة بالـ75… مين كان بيقول إنّه رح يرجع لبنان من بعدها؟ كانوا يقولوا إنّه لبنان رح يتجزّأ وتصفّي كل فئة لحال، ونصفّي كل ناس لحال. وبالتمانينات انهارت الحياة الاقتصادية نتيجة تناحر الشعب والأحزاب وسيطرة الأحزاب والفئات وبعض الجهات الخارجية عا لبنان…

إذا هالأزمة بدها تكون شديدة عالناس، طبعا الناس لازم تستفيد منها، لأنُّه أنا برأيي إنّه تحت وطأة الألم بتخلق قدرات وبتخلق المواهب وبتخلق القدرات عا تخطّي الأزمات، وبيتعلّم الإنسان منها وبيصير عنده أمل جديد، مِشانه ومِشان ولادُه ومِشان المستقبل. لأنّه إذا بدنا نخوّف ولادنا من المستقبل ونيأسُن بحياتُن بلبنان، منكون عم نعمل جريمة بحقّ أنفسنا وبحقّ ولادنا وبحقّ هالوطن اللّي نحنا فيه.