قصة سيدة أبي راشد, يوثّق القصّة التلميذ جو سام إسطفان من مدرسة القلب الأقدس الفرير – الجميزة

إسمي سيدة أبي راشد، من سكّان وادي شحرور، والأصل شماليّة، مجوّزة لهون وعندي تلات ولاد. رح خبّر عن مأساة مرّت بلبنان وبعدها مكملة من سنة 1975 لهلّاء، وبعدنا ما رتحنا منها، وكل مرّة منمرق بأزمة ورا أزمة. 

بهيداك الوقت كان عندي تلات ولاد، بدّي ربّيهن، والعالم كلا أغلبا تهجّرت، كل إنسان راح لمطرح وبطّل في أشغال. نحنا متل هالناس تهجّرنا من سوق الغرب لبيروت، وكمان رحنا عا ضيعتي نيحا، قعدنا فوق لا في شغل ولا في شي، وتعذّبنا كتير، صرنا نزرع بالأرض لحتّى نقدر نقوم بحالنا. 

كانت حالتنا مذرية، خالصة، ما في أشغال حتّى الواحد يشتغل. وبالجبل أش في؟ لا في معامل، لا في مصانع، بدك تشتغل بالبيوت عند الناس اللّي قادرة، تحتّى تقدر تقوم بحالك. عالقليلة تحتّى تاكل لقمتك. وقدّيش صعب الشغل عند الناس، وعندي تلات طفالى بدُّن ياكلوا، بدّك تنجبر تشتغل حتّى تقدر تربّيُن. 

وبعدين لمّا رجعنا لهون عالوادي، بعد فترة، القذايف ما تركتنا، القذيفة إجت قدّام الباب، وبيتنا عا شوار، ما نقدر ننام بأوضة النوم، صرنا ننّام بأوضة القعدة فوق بعضنا عالفرشة بالأرض. نروح تا نجيب غراض، بعلمي ما في شي، بس إمشي عالطريق تنزل القذيفة يا قدّامي يا ورايي.  

وإذا بدّي إحكي عن أسباب هالحرب، ما بقول إلّا شباب راكضين ورا الأحزاب، والأحزاب عم تتنافر مع بعضا، والضغوطات عليهُن من بلاد برّا متل ما كانوا هنّي يقولوا.

أنا ما لحقت حدا من هالأحزاب، لو كنت مع حدا كانوا جابولي ربطة خبز عالقليلة. بس إضهر لبرّا يقولولي: فوتي نقبري نضبّي جوّا. وجوزي ما كان متحزّب، كان يقلّي: ما تتعاطي مع حدا يا مرا. وما كنّا نتعاطى مع حدا، ننطر تا حتّى سلفي يكون رايح شي مطرح، نطلع عا بعبدا، وننطر بالدور قدّام الفرن لحتّى يطلعلنا ربطة خبز.

فترة العذاب كانت طويلة، خوف ورعب، الخوف كان يسيطر علينا وعا ولادنا، وقدرنا نقطع هالأزمة بالصلا للعدرا، بالصبر والتفاهم بين العيلة. الولاد زغار نحكيُن، وجوزي الله يرحمُه كان كتير مآمن، كان يشوف مين بدُّه شي تا حتّى يقدر يعملُّه. 

بذكر إنّي رحت اشتغلت عند الراهبات تا حتّى إقدر علّم ولادي، روح أطبخلُن وغسّلُن وكنّسلُن، هيدا كمان عذاب إنّي إحمل همّ ولادي وإتركُن بالبيت تا روح إشتغل بالدير، تا أمّنلُن علمُن. ولمّا كبروا شوي صرت آخدُن معي يساعدوني.

والحمد لله، كتّر خير الله، علّمت ولادي وأخدوا شهاداتُن، وهلّاء صاروا عم يشتغلوا.

ونصيحتي للجيل الجديد اليوم، وبظلّ هالأزمة اللّي بتخلّينا نقول يا محلا إيّام الحرب، إنُّن يرجعوا يتضامنوا، يحبّوا بعضُن، يجتمعوا سوا، كلّ الفئات تكون عا قلب واحد، ما يكون في تنافر بين الشباب، وخصوصًا هالجيل اللّي طالع هلّاء، لازم يكونوا فهموا الوضع اللّي مرقوا فيه أهلُن. نصيحتي إلُن يوعوا ويفهموا إنُّن ما يلحقوا حدا، ما يتبعوا حدا. يكونوا كلُّن متّفقين ومتضامنين، ويطلبوا عناية العدرا، وعناية الربّ اللي هيّي بتدبّر الكلّ.