حكايات من بعلبك
أوقات كتير صعبة مرقت عا لبنان، وإيّام مرّة وحروب وفِتَن ومِحَن… بس اللبنانيّين تعوّدوا يطلعوا من كل هالمطبّات، ويبقوا أهل وأخوة.
حكايات كتيرة بتنحكى عن الحرب، وحكايات كتيرة بتنروى عن الماضي، وأنا حبّيت خبّر قصّة عن بعلبك بالخمسينات، وقت كان في شي إسمُه “ثورة”.
إسمي أبو محمّد عسّاف، عمري 83 سنة، وساكن بالشراونة ببعلبك. مئويّة “لبنان الكبير” بتذكّرني بثورة شمعون، كانت بسنة 1958، هيديك المرحلة ما منعرفا إلّا بثورة شمعون، كان الخير يعمّ المنطقة رغم الجوع ورغم الفقر ورغم الحالات الاجتماعية المتردّية.
بهيداك الوقت، كان الناس كلُّن قلوبُن عا بعضُن، يحبّوا بعضُن، يساعدوا بعضُن، كان إذا واحد بدُّه شغلة البقايا يساعدوه. النسوان تفيق من الصبح بكّير تا تحضّر العجين، ويجتمعوا بتنّور الحارة تا يخبزوا خبز يكفّي أسبوع. كانوا يتعاونوا كلّن مع بعض تا يحضروا المونة للشتي، لأن بهيداك الوقت ما كان في إلّا الزراعة، وهيّي كانت المردود الأوّل للمنطقة. فكانوا يتّكلوا عالمونة البيتية متل الكشك والمكدوس والزعتر وغيرُه.
ومن الأحداث اللّي ما بتروح من ذاكرتي، الإشكال الكبير اللّي حصل بين الجيش والثوّار. كان الجيش ممترسين بالثكنة المعروفة بثكنة الشيخ عبد الله، اللّي كانت عالية كتير وكاشفة المنطقة كلّا، وكان الجيش وين في تحرّك للثوّار، يقوصوا عليهُن.
بيوم، كنت حدّ هالثوّار، وانقصفت المقرّات وانقصف بيت لآل الرفاعي، بعد ما عرفوا إنُّه مقرّ اجتماعات. ومات تسع زُلم. بتذكّر الحادثة منيح لأنّي كنت قريب من مكان القصف. هالحادثة كانت تتكرّر كتير، ودايمًا كنّا نسمع إنُّه الجيش قصف مناطق معيّنة أو بيوت محدّدة لوجود اجتماع للتخطيط ضدّ الجيش.
ومن القصص اللّي كمان ما بنساها، والّلي شغلت بال البعلبكيّين لإيّام، هيّي حادثة فقدان عيلة من بيت السرغاني. اجتمع أفراد العيلة، وطلبوا إذن من ضابط الجيش تا يروحوا يدوروا عنّن، لأن بوقتا كان في حظر تجوّل بالجرد. بعدين، جمعوا الجمال والعدّة، وكانوا أهالي بعلبك على أحرّ من الجمر تا يعرفوا شاو صار معُن. وبعد تفتيش متواصل، رجعوا ومعُن جثث عيلة السرغاني كاملة، كانت مطمورة تحت التلج بعد ما قصفها البرق القاسي، وتوفّوا كلُّن.
بهالظروف الصعبة اللّي عم تمرّ عا لبنان، بتمنّى يعمّ السلام ربوع الوطن وكلّ اللبنانيّة أهل الكرم والنخوة والعزّة والأخلاق، ولازم نساعد كل محتاج، لأن دايمًا كنّا إيد وحدة بالسرّاء والضرّاء.
والجيل الجديد لازم يستفيد من حكايات الكبار لأنُّن مرقوا بظروف وحروب كانت قاسية كتير عليهُن، ولازم منُّن يستمدّ القوّة والصلابة، للعيش سوا بوطنّا لبنان.
لا تعليق