قصّة يوسف طوق يوثّقها التلميذ شربل فخري من ثانويّة جبران خليل جبران – بشرّي

لبنان مميّز بطبيعتُه الخلّابة. وكتير منسمع خبار وقصص كيف بيتغنّوا بلبنان وجمالُه: بنصّ ساعة بتطلع من الشطّ عالجبل. بلد الأربع فصول. بلد الأنهر والينابيع. بس للأسف، ميّة سنة من عُمر لبنان الكبير، ما كانت كافية تا تعلّم شعبُه ودولتُه والحكومات اللّي مرقت عليه، إنُّه يحافظوا عا هالنعمة والجمال.

وأنا، بهالمناسبة، حبّيت ضوّي على شغفي بالبيئة والحفاظ عليها، وعلى أفعال قمت فيها بالماضي، ورح ضل إعملا لحتّى موت.

إسمي يوسف حنّا طوق، مواليد سنة 1955، طبيب من بلدة بشرّي ــ لبنان الشمالي، عندي تلت ولاد: بنتين وشب، وأنا بشتغل بمستشفى بشرّي الحكومي. 

البيئة بالنسبة إلي هيّي أهمّ شي لازم ينعمل. لأنّ في حدا قال: ماذا ينفع الإنسان إذا ربح العالم وخسر نفسه؟ إذا ما بقي عنّا بيئة سليمة لإستمرار البشر، شو بيهمّ كلّ الباقي؟ كلّ المصاري وكلّ الحضارات وكلّ التكنولوجيا؟ منشان هيك، وأنا كوني طبيب، يعني إذا بدّي عالج المريض بدّي غوص بأعماق الأسباب يللّي ممكن تأدّي للمرض أو لمشاكل البشر، وبطبيعة الحال تخريب البيئة هوّي أهمّ سبب لكل هيدي الأمور. منشان هيك، بنفس الوقت كان إهتمامي محاولة للحفاظ على بيئة سليمة وتحمينا، تقريبًا بكلّ المجالات يللّي إلها علاقة بالبيئة: توعية الحفاظ على المناطق الحرشية، تحريش، معالجة النفايات، سياحة بيئيّة، زراعة…

بأوائل التسعينات جرّبت إعمل مبادرة فرز الزبالة ببشرّي. من بعد ما شفت كلّ الضيِع عم تكبّ نفاياتا بوادي قاديشا. قلت: عيب علينا نحنا إنُّه نكبّ زبالتنا بالجنّة يللّي عايشين فيها. من هون إجتني فكرة معالجة النفايات عا طريقة الفرز. هالمشروع درسنا وحضّرنالُه من 1992 لـ1996، وبلّشنا فيه بالـ1996، ومشي كتير منيح من الـ1996 لـ1998،  ولكن للأسف وقت اللّي إجت البلديّات، ما كفّت هيدا المشروع، لا بل وقّفتُه. 

الأفكار البيئيّة مش بس جديدة عالمجتمعات القرويّة، جديدة عالعالم كلُّه سوا. يعني بلّش العالم بالوعي البيئي بالتمانينات أو ماكسيموم بالسبعينات. وحتّى بعدن هلّاء بأوروبا وأميركا بيحكوا كتير عن البيئة ولكن ما بيفعلوا بشي. ولكن المجتمع البشرّاني تقبّل وتجاوب بنسبة 80% سواء كان بمشروع النفايات أو بمشروع التحريش وحماية البيئة. 

إيّام الحرب الأهليّة، بمنطقة بشرّي ما كان في حرب مباشرة. لذلك كان عندي شويّة وقت تا أسّس جمعيّة إسما هيئة الحفاظ على البيئة. وكنت قسّم وقتي بين الطبّ والبيئة، وعملنا شغل كتير منيح عا صعيد التوعية أو عا صعيد حل مشكلة النفايات بالفترة يللّي اشتغلنا فيها.

الوعي البيئي صار تقريبًا شبه كامل محليًّا وعالميًّا، يعني النّاس كلّا سوا صارت عارفة، حتّى الولد الزغير بيحكي عن مشاكل البيئة وبيقول ما لازم نكبّ وإلى آخره… ولكن للأسف بين الوعي والتنفيذ في وادي كتير كبير، والمجتمع الاستهلاكي يللّي عايش بالعالم، هوّي الّلي عم يمنع الانتقال من مرحلة الوعي لمرحلة التنفيذ، تا حتّى بالفعل تطبّق الأفكار المؤمنين فيها وعم نحكي فيها وننشرا.

هدفنا الأوّل والأخير إنُّه نحنا ملزمين ومجبورين نحافظ على بيئة قابلة للحياة، وإلّا وين رايحين؟ رايحين عالكوارث وعالأمراض وعا تدمير ذاتنا بذاتنا. أنا مش عم إخترع البارود إذا قلنا إنُّه إذا ما في بيئة سليمة يعني ما في إنسان، يعني ما بيقدر الإنسان يستمرّ بطريقة سليمة وصحيحة. وما عنّا خيار، هيدا خيارنا الوحيد.

إذا بدّي إحكي بالصعوبات اللّي واجهتني، بقول إنُّه المال بعمرُه ما كان صعوبة، لأنُّه وقت الواحد يؤمن بقضيّة وبيمشي فيها، المال بيجي لوحدُه. المشكلة كانت شغلتين: أوّل شي الجهل، وتانيًا الأنانيّة. الجهل إنُّه الواحد يقلّي: ليش هيدا؟ ليش بتضيّع وقتك؟ روح عمال شي بيطلع منُّه نتيجة. هيدا جهل لأنُّه إذا بدُّه يطلع نتيجة بدُّه يطلع نتيجة من حفاظ وحماية البيئة. والأنانيّة إنُّه كلّ واحد بيعتبر مصلحته الشخصيّة الحاليّة هيّي قبل مصلحة المجموعة ومصلحة المجتمع أو مصلحة المستقبل: أجيال المستقبل. 

أنا هيدي حياتي، هيدا هدف حياتي. يعني وقت الّلي بدّي وقّف معناتا إنُه ما بقا في داعي كون عايش. يعني لشو يدّي عيش؟ تا حتّى آكل وإشرب ونام؟ بعمري ما كنت هيك وما رح صير هيك. وإذا ما بدّي إعمل شي يطبّق أفكاري ومبادئي، لشو الحياة؟ ما بيعود إلها قيمة وما بيعود إلها طعمة.