لويزا طوق توثّقها التلميذة كارين توما من ثانويّة جبران خليل جبران – بشرّي

من ميّة سنة، ولد لبنان الكبير. وبهالميّة سنة، صار في أحداث كتير وإشيا كتير، وناس خلقت وناس ماتت. ناس رحلت عالسكت، وناس تركت بصمتها. وأنا رح خبّر عن مرا، ما أنصفا تاريخ بينان ولا كُتبُه… رح خبّر قصّة الست هند… من بشرّي.

إسمي لويزا طوق، عمري 55 سنة، وساكنة بين بشرّي وباريس. مهنتي إعمل دراسات على فهم المجتمع الحاضر إن كان بفرنسا وإن كان بِدُوَل غيرا من العالم، بشتغل كمان عالشرق الأوسط، وعا آسيا وأوروبا ودُوَل تانية. 

خبريّة الست هند شغلة، مدام هند خلقت سنة 1917 وتوفّت سنة 1988. يعني عاشت حوالي 70 سنة. كنّا بعد ما طلعنا من الحرب العالميّة الأولى، وكانت تركيّا بعدا مسيطرة علينا، وكان الريف اللبناني وخصوصي الريف الماروني، يعني الريف الجبلي، الجردي، عايش عالزراعة. وكان هاجس الناس بهيديك الإيام هوّي البقاء، لأنُّه كان يصير مجاعات وهيك قصص.

الستّ هند الحضور تبعها كان كتير مهم، لأنّا هيّي كانت أوّل شخص بيتوظّف بوقت يللّي بلّشت مدرسة البنات بنيّة من الدولة اللبنانية. حطّوا أوّل شي مدرسة بإستاذ واحد، وهيّي كانت متعلمة لأنُّه بعتوها أهلها تتعلّم عند راهبات العازارية بطرابلس. كانت هيي الشخص المؤهل تا يستلم، ففتحت هالمدرسة، صارت هيّي مديرة المدرسة ابتداء من سنة 1944. غيّرت تركيبة المجتمع عنّا كلُّغ سوا، لأنُّه إذا المرا مَنْها متعلمة بتكون بس بالبيت عم تربّي ولاد وعم تخدم جوزا يللّي عم يشتغل كلّ النهار بالحقلة. 

وقت المرا بتبلّش تتعلّم أوّل شي، وهيدا كان يعني الحداثة بوقتا، بتصير أهل إنّا تعلّم ولادا كمان. لأنُّه المرا ــ الإمّ ــ تُعتبَر هيّي اللّي بتربّي الأجيال اللّي جايي. بس اللّي صار هوّي إنُّه المرا قدرت بعدين يكون عندا استقلالها الاقتصادي تَوْصّلنا لليوم. يعني من ميّة سنة بعد ما هيّي خلقت الست هند وصرلا القصة شي 40 سنة مبلشة مزبوط.

وأكيد أكيد المرا ما بتاخد حقّا بالحياة إذا ما عندا استقلاليّة بالمعرفة أوّل شي، وتاني شي بالاقتصاد. بس بلا معرفة ما في اقتصاد أصلًا. لأنّا لما بتكون بمجتمع شغلُه شغل حقلة، بدُّه عضلات وجسم قوي، المر دورها بيكون كتير ضعيف. فبالنسبة إلي، الست هند هيّي اللّي خلّت يكون في حضور لمدرسة البنات بشكل مباشر.

ولو ما حطّت وجودا كلُّه سوا بهالمدرسة تبع البنات، المدرسة كانت فشلت أساسًا وما كانت كفّت. يعني كان كتير سهل إنُّه المدرسة ما تكفّي لأنُّه ما كانت أساسية بالمجتمع. كان المجتمع مرتاح عا وضعُه، والمرا عم تشتغل بالبيت.

هالمشروع غيّر بمستقبل البنات، لأنُّه وقت اللّي الإمّ بتكون متعلمة، بتصير فاهمة إنُّه العالم مفتوح أكتر من البيت اللّي عندا. صحيح اللّي عم إحكيه يمكن يكون بدائي شوي، بس من أجيال كان هالشي أساسي ومحوري. متلًا، إمّي تعلّمت عند الست هند، إمّي عمرا هلّاء شي77 سنة. لو ما إمّي تكون متعلمة، ما كنت أنا تعلّمت. بالنسبة إلي العِلم هوّي يللّي بيحرّر الإنسان، بيحرّرلُه راسُه. راسُه بيوسع وما بيعود فايت بس بقصص الطائفيّة والعائليّة والشغلات اللّي كتير كتير ضيقة. 

لبنان كلُّه سوا عا بعضُه مميّز. لأنُّه الخلطة تبعيتُه كتير عجيبة غريبة. ولأنُّه الخلطة تبعيتو مَنّا تمثيل ــ مع إنُّه اللبنانيّة ممثلين ـــ كل طايفة وحتّى كل مجموعة مختلفة عن المجموعة يللّي حدّا، ومنّا متخباية بإختلافا. أنا بعتبر إنُّه الاختلافات لمّا بتتخبّى بتنفجر، الاختلافات المعلنة شغلة مهمّة بالحياة.

نصيحتي للجيل الجديد إنُّن لازم يعرفوا شو صار بالماضي، شو صار بالتاريخ، شو عملوا جدودنا، شو نقلولنا. ولازم يتكمّشوا بالأرض، لأن قد ما تكون إجرَيْن الإنسان محطوطة بالأرض، قد ما بيكون راسُه بيدقّ بالسما. وأخيرًا بقول: لبنان التاريخ الحيّ.